كتبت هده القصة قبل موتي بأيام قليلة :
أنا فتاة كنت في التاسعة عشر من عمري؛ ادرس بالثالثة ثانوي أدب عصري
؛ وكآي فتاة في سني فلقد كنت مفعمة بالنشاط والحيوية وعنفوان الشباب؛ كنت
أحاول الاعتناء بمظهري الخارجي في حدود بما يكفي وكنت احلم بما يكفي.فتاة
ذات عينان عسليتان وشعر اسود غامق وشفتين قرمزيتين وآخ عظيم وأبوان
حنونين كريمين ؛ شاء القدر آن أتعرف على إنسان وسيم وجذاب وفي الحقيقة كنت
لا أستطيع مقاومة وقع كلماته في ادني ؛عزيمته وشخصيته القوية جعلتني اسقط في
الأخير من القمة إلى أحضانه ضاربة عرض الحائط بكل الأخلاق ووصايا آخي
الوحيد الذي كان يكبرني بثلاث سنوات وبعض الأيام .
آخي هدا كان يقبلني على جبيني كلما صدف دخولي آو خروجي من المنزل ويقول لي
مازحا : أتدري شيء ياحنان ستفقيدي هده القبلة في اليوم الذي تفقديي فيه
احترامك لي .
وكان يقول أيضا : الحب الوحيد الذي لن يخذلك أبدا ياحنان هو حب الله .
ولحظتها كنت اربت على كتفه وأقول : لا تخاف على أختك يا شاطر .
لكن دارت الأيام وغيرتني وجرت الرياح عكس سفني كنت أصارع الرياح قرابة
الشهر ونصف الشهر الأخيرين من عمري وفي لحظة ما في وقت ما في مكان ما
استطاع الشيطان أن يقنعني بان الحب شيء ضروري وان حبيبي لن يتخلى عني ادن
فما العيب ووسوس لي أيضا قائلا فحتى أخاك هدا الذي يحبك و يعتني بك قد تكون
له حبيبة ؛فلماذا تحرمين نفسك يا غبية .
وفي لحظة ضعف سلمت لحبيبي نفسي راضية فالحب تضحية هدا ما قاله الشيطان
وقاله حبيبي أيضا .وهنا أقف لأقول لكل الفتيات بان لحظة ضعف هي عذر شيطاني
للسقوط من أعلى القمة إلى الحضيض .وفي هده اللحظة استفقت على هول الصدمة
وما جاء في دهني إن بقي لي دهن حينئذ هو كلام آخي ستفقيدي هده القبلة (طبعا
على الجبين )في الوقت الذي ستفقيدي فيه احترامك إلي وقوله الحب الوحيد الذي
لن يخذلك آبدا هو حب الله .
وضاقت علي الأرض بما رحبت وما جعل حياتي سوداء لا بياض فيها وهو كون
أخي لا زال يمنحني القبلة على الجبين التي اعتاد ان يمنحها لي في الوقت الذي أنا
لم أكن قادرة على جوابه كما اعتدت ؛لا تخاف على أختك يا شاطر بل أصبحت أقول
له في الوقت (الذي كنت فيه أقاوم الدمع والانهيار )حفظك الله وعوضك خيرا .
كنت أكاد أن أبوح له بالحقيقة أصبح ضميري في كل يوم يجلدوني ثمانين جلدة كم
مرة كنت استجمع الكلمات لأقول له الحقيقة و أريح نفسي و ارفع جلد الضمير لي .
كنت أقول دائما غدا سأقول له بعد أن يهم بتقبيلي على جبيني ويأتي غدا ولا أجد
الشجاعة وأقول لا غدا سأقول .
لا سأقول بل سأتملص من أن تقع شفتيه الطاهرتان على جبيني الملطخ بالذل والعار
وأقول له : هده القبلة لا استحقها يا ا خي أختك غدرت بك ؛ أختك مرغت شرفك و
عزة نفسك في وحل الذل والعار ؛ أختك لم تعد تستحيق هده القبلة يا احمد ؛أختك
ضاعت وضيعتك معها ؛ أختك كل ما تطلب ألان هو أن ينزل عليها عذاب يحرقها
يزلزلها يدمرها أكثر من هدا الدمار التي هي فيه ويقتلها لكي يريحها وترتاح معها
؛ لم انس كلامك يا احمد ولطفك معي ونصائحك لي بان اقرأ القران .فكل مرة انظر
فيها إلى القران الذي أهديتني ونعم الهدية أحس وقتها بعذاب الله يحيط بي من كل
جانب .
أه يا أخي كم يوم احس بك انك تحاول جاهدا أن تقربني إلى الله ؛ لكن سمعت
وسوسة الشيطان وتخليت عن طريق الهدى ؛ تلك الطريق المستقيم التي لم تمل
يوما من إرشادي إليها ؛ والله لو كان الشيطان مرئيا لكلفت ما بقي من حياتي
البائسة في قتله .
أنا لن أنسى كلامك يا احمد و أني أنادك باسمك هدا لاني لا استحق أن أكون أختك ؛
فانا لم ولن أنسى كلامك : أتدري شيء يا حنان ستفقيدي هده القبلة في اليوم الذي
تفقيدي فيه احترامك لي .كنت تقولها باسما لثقتك الكبرى في كما قالت لي صديقتي
أسيا ذات يوم الثقة شيء جميل يجعلك تحس بالحرية و القوة و لكن هي سلاح ذو
حدين علينا الإمساك به من مقبضه بيد من حديد .أما ألان أخي أريد أن افقد هده
القبلة لا تمنحها لي أخي .لكني لم اقل شيء من هدا إلى أخي .إلى أن أتى اليوم
الذي كنت أحاول فيه اجتياز الطريق وقتئذ كانت تجول براسي ألاف الأفكار كيف أصارح أخي وبينما أن في ذهول صدمتني سيارة وفقدت الوعي ثلاث أيام هدا مقاله أخي لقد وجدته يبكي بجانبي كطفل صغير ينظر إلى عيني ويجهش بالبكاء ويقول لي اطلب الله ياحنان فان عجز الطب فان شفاء الله قريب انك بريئة ياحنان ولم يخط القلم عليك شيء كان يعتقد أخي باني بريئة كنت في عينه باني لن اكبر آبدا .
كدت أن أقول له أنا أخد جزائي ألان وأنت ما ذنبك أخي حتى تعذب نفسك .
أنا لا استحق حتى دمعة وحيدة من عيناك الغاليتين وكل ما لمحت وأنا أودع الدنيا هو وجه أخي من بين الوجوه كلها وخطفت من الموت كلمتين وقلت له سامحني أخي العزيز على غلطتي وأدعو إلي بالرحمة أني أرى وجهه ألان جيدا وكأني سأعيش سنين طويلة ففاضت عيناه بالدمع وهو يقول وكان الموت أمهلني حتى استمع إلى كلماته الأخير أنت لم تغلطين يوما فالقلم مرفوعا عنك انك في الج .............
كان أخي يظن بغلطتي أني لم انتبه إلى الطريق ولم يبقى من حنان سوى ورقة تثبت الوفاة وعظام وسط قبر بعد أن أكلت الديدان كل لحمي .
وقطعة من رخام فعل بها الطقس ما فعل بالكاد تقرا حروفا منقوشة دهب حبرها
هنا يرقد جثمان المنفلوطي حنان
تاريخ الوفاة 09.10.1989
وكفى بالموت واعظا
يازائر قبرها ترحم عليها
إن لله وان إليه راجعون
ونبت على قبري نبات وحشائش صغيرة ودفنت بجواري جاثمين أخرى من بينها جثمان أمي الحنونة على بعد قبرين مني لم يمهلها داء السكر كثيرا والوحيد الذي لازال يزورني بانتظام كل ما سمحت له الظروف يوم الجمعة وهو أخي وكأني مت البارحة . إن وعد الله حقك لقد كنت اسمع صياح هنا وهناك انه عذاب القبر كما سئلت واخدت نصيبي من العذاب يأيها الأحياء افعلوا ما استطعتم من خير وعليكم بالصلاة تقربوا إلى الله يا عباد الله تقربوا إلى الله ياعباد الله .وملتقانا يوم الحشر إن شاء الله .
منقول للفائدة ههه